يكتشف غالبية رواد الأعمال أهمية إعداد خطة عمل مُحكمة عند المرور بأزمات اقتصادية تستوجب اتخاذ قرارات مصيرية وإحداث تغيرات سريعة. إلا أن الحقيقة الغائبة عن الكثيرين هي أهمية وضع خطة العمل هذه في بداية أي مشروع ناشئ، وعدم الانتظار لحين الوقوع في أزمات؛ وذلك لما لتلك الخطة من أهمية بالغة تتمثل في دورها في المضي قدُمًا بالمشروع نحو أهدافه، وعدم تأثره بما قد يعترض مسيرته من عقبات. لذا كان من الضروري التعرف على أهم الأخطاء التي تحول دون كتابة خطة عمل ناجحة، وهو ما نستعرضه معًا في السطور القادمة.
ما الأخطاء التي يجب تجنبها لإعداد خطة عمل ناجحة؟
بعض تلك الأخطاء تقليدية، وبعضها يعكس الحاجة المتزايدة إلى التخطيط بوصفه أداة توجيهية وإدارية للمشروع. إلا أن جميع تلك الأخطاء باختلاف أنواعها يجب تفاديها. فإعداد خطَّة عمل جيدة يعني قدرتك على اتخاذ قرارات سريعة، والتكيف السريع مع ما يُستجد من أوضاع، وتحقيق المستوى الأمثل من الإدارة. وهنا يُصبح التساؤل عن الأخطاء الشائعة التي يجب تجنبها عند إعداد خطة عمل ناجِحة أكثر إلحاحًا، لنجيب عليه في النقاط التالية:
1- عدم التخطيط المُسبَق
العديد من القائمين على المشاريع لا يضعون خطة العمل إلا عندما لا يكون لديهم خيار آخر، فلا يتم إعداد الخطة ما لم يطلبها منهم أحد البنوك أو المستثمرين. ويزعم هؤلاء دائمًا أن حجتهم هي عدم امتلاك الوقت الكافي لإعداد خطة عمل مناسبة. لكن الحقيقة على العكس تمامًا، فكلما كانت أشغالك كثيرة ووقتك مزدحم بالأعمال، زادت حاجة مشروعك إلى خطة العمل. والسبب يكمُن في أن إعداد خطة صغيرة لا يزيد وقت تجهيزها عن 30 دقيقة يُجنبك الكثير من الخسائر في الوقت والمال.
2- اعتماد خطة عمل واحدة ثابتة
الآن، أكثر من أي وقتٍ مضى، ومع ما يمر به العالم من أزمات، بات من الضروري التوقف عن التفكير في خطة العمل باعتبارها مجرد خطة. إذ قد يحُول الخطأ في فهم المصطلح دون جني الفائدة العظيمة التي تنتج عن التخطيط بوصفه عملية تحتاج إلى التنقيح والمراجعة الدورية. فالأمور تتغير بين عشية وضحاها، وهنا يُمكن القول إن خطة العمل يجب أن تشمل تتبعًا لجميع الروابط ما بين المهام، والإنفاق، والأهداف، وتغير الافتراضات، وتغير الأسواق. وهو ما يؤكد ضرورة استمرارية العمل على الخطة بما يتناسب مع المستجدات.
3- عدم التركيز على التدفق النقدي
يُفكر غالبية الناس في الأرباح بدلاً من النقد. فعندما تتخيل مشروعًا جديدًا، تفكر في تكلفة المنتَج، ومن يُمكنك بيعه لهم، والأرباح المُقدرة لكل وحدة. فقد اعتدنا على حساب الأرباح باعتبارها ناتج طرح التكاليف والنفقات من المبيعات. ولسوء الحظ، في المشاريع التجارية نحن لا ننفق الأرباح وإنما ننفق المال. لذا فإن فهم التدفق النقدي أمر بالغ الأهمية. وإذا لم يكُن لديك سوى جدولاً واحدًا في خطة عملك، فخصصه للتدفق النقدي.
4- عدم التحقق من الفكرة
لا تبالغ في تقدير أهمية الفكرة دون التحقق من إمكانية تطبيقها؛ فأنت لست بحاجة دائمًا إلى أفكار عظيمة لنجاح مشروعك، وإنما تحتاج إلى الوقت والمال والمثابرة والحس السليم. وبإلقاء نظرة عامة على المشاريع القائمة، يُمكن ملاحظة أن عدد قليل منها قائم على أفكار جديدة، وأن تلك الأفكار الجديدة تكون أصعب في التنفيذ من غيرها؛ نظرًا لعدم فهم الأشخاص لتلك الفكرة أو عدم ضمان قابليتها للتطبيق. فالخطط لا تبيع للمستثمرين أفكارًا، وإنما تلخص الإمكانات والإنجازات. في حين أن المستثمرين يستثمرون في الأشخاص والأعمال، لا في الأفكار. لذا يُمكن القول أن الخطة، مع أهميتها، هي فقط طريقة لجمع المعلومات. لذا، تأكَّد من استعدادك لإبهار المستثمرين المحتملين بمعارفك ومهاراتك، ولا تنتظر أن تقوم فكرتك أو خطتك بهذا الأمر نيابةً عنك.
5- تحويل خطة عمل مشروعك إلى عمل شاق
الأمر ليس بهذه الصعوبة، فأنت لا تكتب رواية أو تُعد رسالة دكتوراه. كل ما تحتاجه لإعداد خطة صغيرة هو بضع صفحات مقسمة إلى نقاط وجداول وبعض التوقعات. ويُمكنك الاستعانة في ذلك ببعض الكتب والمستشارين.
6- وضع أهداف عامة ومبهمة
عند وضع خطة عملك دعك من العبارات المبهمة أو غير ذات المعنى مثل عبارة “أن تُصبح الأفضل”؛ فهي توصَف ببساطة على أنها مجرد مبالغة. وتذكر دائمًا أن الهدف من الخطة هو نتائجها. ولتحقيق تلك النتائج تحتاج إلى التتبع والمتابعة. كما تحتاج إلى تواريخ محدَّدة، ومسؤوليات إدارية، وميزانيات، ومعالم رئيسية. فإن لم تحصل على نتائج، تُصبح أفكارك، مهما بلغت براعة عرضها وتقديمها، غير ذات قيمة.
7- افتراض أن نهجًا واحدًا يصلح للجميع
لا ينبغي لخطط العمل أن تتشابه جميعها. وفي الحقيقة، لا ينبغي للخطة الواحدة أن تظل على ما هي عليه. فللحصول على النجاح، يجب العمل على تطويع الخطة وفقًا لما يُحقق الهدف الأساسي من المشروع. إذ قد تتنوع خطط العمل فتكون في بعض الأحيان مجرد وثائق بيع لشرح عمل تجاري جديد. كما قد تكون خطط صغيرة مرنة، وخطط عمل مفصَّلة، وخطط مالية، وخطط تسويق، وحتى خطط الموظفين. يُمكن استخدام أي من هذه الأنواع لبدء مشروع أو إدارته بشكل أفضل.
8- تمييع الأولويات
تذكَّر دائمًا أن الاستراتيجية تساوي التركيز. وإذا قمت بتقسيم أولوياتك، فأنت تُقسم تركيزك، وستجد صعوبة في إحراز أي تقدُّم. لذا عليك مراعاة البدء بقائمة تُركز على ثلاثة أو أربعة بنود فقط. أما قائمة الأولويات المكونة من 20 بندًا فهي ليست استراتيجية، ونادرًا ما تكون فعالة. فكلما زاد عدد البنود في القائمة، كلما قلت أهمية كلّ منها.
9- توقع النمو بسرعة فائقة
من المتعارف عليه في المشاريع التجارية نمو المبيعات ببطء في البداية، ثم تتزايد معدلات النمو فجأة وبشكل ملحوظ. إلا أنه من الضروري عدم تشبثك بالسير وفق هذا المنحنى، وأن تضع أكثر من احتمالية، منها ما يكون متحفظًا، ومنها ما يكون أكثر تفاؤلاً، ومنها ما يكون أكثر واقعية؛ تفاديًا للدخول في حالة من الإحباط، ولكي تكون على استعداد للتكيف مع كافة التوقعات.
10- عدم الاهتمام بتفاصيل الخطة
فالتخطيط للعمل هو عملية تستلزم وجود خطة صغيرة ومراجعات دورية وتنقيحات ضرورية من أجل الإبحار عبر بيئات العمل المتقلبة. إذ لا يتعلق الأمر بوجود مستند يبين خطة العمل بقدر ما يتعلق بوجود نظام تخطيط يدفع المشروع قدُمًا نحو أهدافه. وبذلك يكون لديك الاستراتيجية والأهداف طويلة الأجل بوصفها الوجهة المرجوة، والمعالم الرئيسية والمقاييس بوصفها الطريق الموصى به، وكذلك المراجعات المنتظمة للتقدم التي تكشف عن مدى فاعلية الخطة مع مرور الوقت.
كلمة أخيرة
إعداد خطة للعمل لا يُعَد مضيعة للوقت ولا تحجيمًا لأداء مشروعك أو تقييدًا لمرونته، وإنما يمنحك لوحة عريضة من المعلومات والتبعيات التي لا تُساعدك على تحقيق أهدافك فحسب، بل تجعلك أكثر مرونةً وأسرع تكيفًا مع المستجدات من حولك، وتمنحك القدرة على اتخاذ قرارات صائبة وسريعة مبنية على خلفية معلوماتية منظمة ودقيقة. ولضمان جودة خطتك وفاعليتها يُمكنك الاستعانة بذوي الخبرة من مقدمي استشارات المشاريع، كما يُمكنك الحصول على هذه الخدمة من خلال موقع كاف للخدمات المصغرة والمسابقات وبأسعار جيدة.
المصدر: articles.bplans.com