موعدنا اليوم مع اللقاء الرابع من سلسلة لقاء مع رواد، وكما هو واضح من الاسم سوف نستضيف فيها كل من هو رائد بمجاله سواء كان بالتسويق الإلكتروني أو ريادة الأعمال أو البرمجة أو أي مجال آخر يكون الضيف فيها متميزاً بمجاله، وبالطبع ليس شرطاً أن يكون يعمل كمستقل لدى كاف كما هو الحال في سلسة مستقل الشهر، ففي سلستنا الجديدة سيكون الضيف هذه المرة من خارج موقع كاف ، كما ستكون تلك السلسلة أسبوعية إن شاء الله تنشر بداية كل أسبوع٫
وضيف حلقة اليوم هو المدون المميز يونس بن عمارة كاتب مميز وصانع محتوى ومترجم فدعونا نتعرف سوياً على ضيفنا المميز
من هو يونس بن عمارة؟ قدم للقراء نفسك كما تحب
معكم يونس بن عمارة، صانع محتوى وكاتب ومترجم مستقل من الجزائر، كتبت وترجمت الكثير من قبل بفضل الله وعونه، عندي مدونة صوتية (بودكاست) اسمها يونس توك، تجاوزت فيها المئة حلقة ولله الحمد؛ وحاليًا أدير مشروعي الخاص المسمى رديف والذي تحدثت عنه مدونة كاف (أشكر القائمين عليها) في هذا المقال رديف، فرصتك لاحتراف الكتابة وصناعة المحتوى
كيف بدأت رحلتك مع التدوين؟
بدأت لما تعرفت إلى منصات التدوين مثل بلوجر ووردبريس، ففتحت عدة مدونات في بلوجر ووردبريس، وكتبت فيها، ثم استقريت أخيرًا مع مدونتي على ووردبريس مدونة يونس بن عمارة.
بدأت الكتابة ككل منذ الإعدادية وحتى الثانوية في حصص التعبير والإنشاء، ثم تعرفت إلى الكتابة الاحترافية للمقالات المخصصة للنشر على الإنترنت فتعلمتها ذاتيًا بمتابعة المدونات الموجودة في ذلك الوقت (والمستمرة حتى الآن) مثل مدونة شبايك ومدونة ناسداك وغيرهما.
كانت إنجليزيتي لا بأس بها فطوّرتها بمتابعة المدونين الأجانب، أيضًا وشيئًا فشيئًا تحسّنت اللغتين لدي العربية والإنجليزية، فدخلت منصات العمل الحر وقدمت خدماتي هناك، ثم أصبحت موظفًا عن بعد لدى بعض الشركات، ومؤخرًا أطلقت مشروعي الخاصّ رديف.
لمن يحب الاستزادة عن سيرتي وبداياتي أقول إني قد تشرفت بأن استضافني الزميل فرزت الشياح في إحدى حلقات مدونته الصوتية التجربة مع فرزت عنوانها التجربة مع يونس تحدثت فيها عن هذا الموضوع وغيره بتفصيل.
كيف تقيم تجربتك في عالم العمل الحر حتى الآن؟
لو يتابع المرء الحلقة الصوتية التي أشرت إليها أعلاه وحكيت فيها قصتي، سيدرك أني أُكرهت على دخول العمل الحر بعد سلسلة مروعة من حوادث الفشل وهي: فشلي في الجامعة فمن المفترض أن أكون مهندسًا فلاحيًا لا كاتبًا ومترجمًا، أو مدير مشروع مثل حالتي الآن مع رديف؛ وبعدها فشلت في دراستي البيولوجيا في الجامعة كذلك، وفشلت أيضًا في اجتياز مسابقة الشبه طبي لعلي أصير ممرضًا، ثم فشلت في الالتحاق بالدرك الوطني. فهكذا لم يتبقَ لي إلا أن أدخل العمل الحر عبر الإنترنت.
ولعل هناك عزاءً فيما ذكرته بعض الدراسات من أن رواد الأعمال المُجبرين (forced entrepreneurs) والذين دفعتهم الظروف دفعًا لإطلاق مشاريعهم يبلون أحسن من غيرهم في التجارة والنجاح.
إن الفشل، كما يقول المثل، هو أعظم مُعلِّم للبشرية، وحتى لما دخلت عالم العمل الحر مُنيت بالفشل مرارًا لكن مع الإصرار والمثابرة وقبلهما عون الله وتوفيقه نجحت إلى حد ما بتكوين رقعة وإن كان بسيطة لي في عالم الإنترنت الفسيح: أنشط فيها وأسترزق منها، وأحاول أن أنفع العباد والبلاد مما علمنيه المولى.
بم تنصح من يخطو أولى خطواته في مجال العمل الحر؟
أقول له أنه مهما كانت المهارة التي تريد تعلمها: ترجمة أو كتابة أو برمجة أو تصميم، دون تسويق فلن تنجح.
لذلك لا بد أن تتعلم أساسيات التسويق، هذا الشيء ضروري، ولا وجود لمسوّق يسوّق لك وأنت جالس مرتاح وهو يقبض عمولة؛ إن هذا المسوّق مثل العنقاء والخلّ الوفي لا وجود له. فلا تُتعب نفسك بالبحث عنه فلا بد من أن تتعلم الحدّ الأدنى من التسويق في عصرنا هذا المليء بالضجيج.
بقول هذا، أخبرك أن الظروف تبدلت عمّا كانت عليه منذ بدأت أنا. الآن أصبح البروز أصعب والمتطلبات أشدّ ومهارة واحدة لن تكفيك وإن لم تواكب التحديثات نُسيتَ.
لذلك أوصيك بما يلي باختصار: أن تتعلم التسويق، ثم تتعلم المهارة التي ترغب بها، ووفق مدير شبكة انطلق للتوظيف الأستاذ رامي عيسى أهم المهارات المطلوبة الآن هي البرمجة والتسويق والتصميم والترجمة؛ لذا تعلم أحدها، ثم اصنع قدر ما تستطيع من محتوى نافع، ثم وكما يقول الطبيب واليوتيوبر علي أبدال (ويوافقه رامي عيسى في حلقتي معه آنفة الذكر) قل نعم لأي شيء في بداياتك، اعمل مجانًا مع الشركات والأفراد، اكتسب الخبرة أولًا ثم ضع شروطك، ثم لما يفتح الله عليك وتأتيك عروض كثيرة قل لا لما لا يناسبك. لكن في بداياتك لا بد من “نَعَم” كثيرة لكل شيء تقريبًا والعمل الجادّ على صنع قدر كبير من المحتوى المجانيّ ذو القيمة.
كيف كانت بداية دخولك لعالم البودكاست؟
أجريتُ من قبل حوارًا مع الزميل طارق ناصر عام 2018 حكيتُ فيه قصة إطلاقي للبودكاست وقلت هناك وأقتبس من الحوار لأن به لمحة مهمة «شاهدت صدفة إعلان تطبيق Anchor.fm في فيسبوك، وكان في الإعلان المؤلف غاري فاينرتشوك الذي قال فيه:
“لا تحتاج لاستديو كي تطلق البودكاست خاصتك، احمل هاتفك وتكلم كأنك تتحدث مع صديقك أو معارفك”
ولأنني كنت قرأت له قبل أسابيع فصولًا من كتابه الأخير “Crushing It” فقد بدا لي مقنعا جدًا، وهكذا استشرت بعض الأصدقاء فشجعوني فانطلقت فيه، والآن الحمد لله وصلت للحلقة 11».
كما ترون قلتُ في ذلك الحوار الذي أجري العام 2018 أني وصلت للحلقة 11 فيه، وكما قرأتم الآن في هذا الحوار تجاوز يونس توك المئة حلقة بحمد الله. والمزيد قادم إن شاء الله تعالى.
ما هي أفضل حلقة قمت بإجرائها في يونس توك حتى الآن؟ ومن الشخصيات التي تتمنى استضافتها قريبا؟
أفضل حلقة أجريتها على الإطلاق في يونس توك ودون شك هي حلقتي مع المترجمة الجزائرية إكرام صغيري، وأدعوكم بشدّة للاستماع لها؛ أما الشخصيات التي أتمنى استضافتها قريبًا فهي شخصية أحمد هنداوي مؤسس هنداوي، وصلاح الراشد، وعبد السلام هيكل مؤسس مجرة، ونيكولاس طالب سليم… والقائمة طويلة.
حدثنا عن رديف..كيف بدأت الفكرة وماذا تطمح أن تحقق؟
بدأت الفكرة لما رصدتُ الفجوة بين ما يحتاجه أصحاب الأعمال والتجارات والشركات من محتوى قيّم ذو جودة وموافق لمحركات البحث ومواكب للعصر وتقلباته؛ وبين رغبة الكثير من الشباب العربي ذكورًا وإناثًا في التكسّب من الكتابة لكن دون امتلاكهم فعلًا المهارات المطلوبة لتحقيق هذا المسعى.
فمن هنا انبثق رديف، فهو المجتمع الرقمي الذي يسدّ هذه الفجوة، حيث يؤهِّل الكتّاب وصناع المحتوى لسوق العمل وعقد صفقات مثمرة للطرفين مع أصحاب الأعمال والمشاريع.
ويجدر بي هنا أن أذكر بالخير الأستاذ محمد طارق الموصللي فهو من اختار اسم المجتمع رديف، والأستاذ محمود عبدربه لأنه ساعدني على كتابة صفحة هبوط الموقع.
ما هي أبرز العوائق التي تواجهك في رديف وكيف تخطط للتغلب عليها؟
أبرز العوائق التي تواجهني حاليًا في رديف هي التسويق له بصورة أكثر مما نفعل حاليًا وذلك لكي يجذب العملاء المناسبين.
ونحن نعمل بجدّ على التسويق له من خلال نشر المحتوى القيّم وإطلاق بعض الإعلانات والتسويق الشفوي من خلال المشتركين الحاليين.
وأعمل على تجاوز هذا التحدي من خلال عقد شراكات مع مختلف الجهات، وتعلم التسويق يوميًا والتجريب، والله الموفق.
كيف بدأت رحلتك في كورا؟ وما هدفك من التواجد القوي على المنصة؟
رحلتي مع موقع كورا بدأت كمستخدم للنسخة الإنجليزية للقراءة والاستفادة من المحتوى الممتاز لبعض المُجيبين هناك على الأسئلة، فلو تدخل حسابي هناك ستجد أني انضممت لهم شهر مارس 2014، مع أن النسخة العربية لم تنطلق إلا شهر ديسمبر عام 2019، وقد سألني صديقي مجتبى بارك الله فيه لماذا أساسًا أصنع الكثير من المحتوى دون مقابل؟ والجواب 3 أسباب وفق الترتيب بالأولوية:
أولها أن هذا العمل موجه لوجه الله بمثابة زاد لآخرتي، وهذه هي نيتي فيه ولهذا لا أنزعج لما لا يحظى بالانتشار؛ لأن نيته الأصلية لله وهذا ما أدعو له صناع المحتوى أن يخلصوا النية؛ والنية الخالصة دواء ناجع وترياق فعّال ضد اكتئاب ‘لقد صنعت محتوى ولا أحد أعار له انتباهًا’ فلو احتسبت صُنعه لما اكتئبت.
ثانيها أننا نحن أي الأمة العربية ثم الإسلامية نعيشُ حالة ضعف مريعة في شتى أوجه الحياة، وأرى أنه يقع على عاتق كل ناطق بلسان العرب مسؤولية وواجب أن ينهض بهذه اللغة ويُثريها بما يستطيع ويقدر. وهذا ما أستطيعه وأقدر عليه فأنا أشعر أني أؤدي واجبًا بصناعة المحتوى مجانًا.
ثالثها وآخرها وهو غرض عمليّ وهو أنه تسويق لمنتجاتي ومشاريعي. فأنا على أية حال متفرغ للعمل عبر الإنترنت ولا بد لي من مصادر دخل وهذه لا تأتي جزافًا دون تسويق فأنا أسوّق لها بالمحتوى.
كيف وصلت لتصبح أفضل كاتب للعام 2020م في منصة كورا؟
بعد فضل الله، هي نتيجة مجهود مُضنٍ استمر لثمانية أشهر من كتابة الأجوبة بصورة شبه يومية تقريبًا على المنصة، وأنا أعتزّ بكوني أولّ عربي على الإطلاق يحصل على لقب أفضل كاتب لأحد شهور العام 2020 على كورا.
ما أكثر شىء نال إعجباك في كورا؟ وما الذي تتمنى تغييره؟
ما أعطيهم لأجله خمس نجوم هو اشتراطهم الكتابة باللغة العربية الفصحى، وعدم قبولهم للعامية. إضافة لأن كثيرًا من أصدقائي الافتراضيين موجودون هناك. أما ما الذي أتمنى تغييره فهو تطوير تطبيقهم في هواتف أندرويد، فهو للأسف ليس جيدًا في تجربة الاستخدام.
هل من ضمن أحلامك أن تطلق موقع عربي خالص ينافس كورا؟
لا. وليس ضمن أحلامي أيضًا أن أنافس موقع موضوع وقد ذكرته مازحًا لأنه تصلني كثير من الأسئلة حول كيف أنافس موضوع!، ولا أرغب كذلك في منافسة أي موقع أو شركة أخرى.
تتمثل أحلامي حاليًا في إنشاء أكبر عدد ممكن من شركات البرمجيات كخدمة والتي تدعى اختصارًا SaaS شرط أن تتمحور حول اللغة العربية وفنونها؛ فأرغب مثلًا بمصحح إملائي محترم بجودة غرامرلي لكن للغة العربية، ومحرر أسلوبي مثل تطبيق همنغواي، لكن للعربية، وقاموسٍ شامل وحديث للغة العربية سريع ويُحدّث يوميًا، وأداة سيو (تحسين محركات بحث) عربية كليًا، وموقع لتصنيف المواقع والمدونات عربي كليًا، وهكذا…
كيف ترى مستقبل العمل الحر في الوطن العربي؟
متفائل للغاية به، لقد أصبح مفهوم العمل الحر أكثر انتشارًا والأمية الرقمية في انحسار؛ وجموع كثير تتبنى هذا التوجه الآن. فالحمد لله كي يزيدنا من نعمه.
ما الحكمة التي تتردد دوما في عقلك؟
قول أبي بكر رضي الله عنه الصدق أمانة، والكذب خيانة.
ما هو أكثر كتاب أثر فيك؟
هو كتاب كيمياء السعادة لحجة الإسلام الغزالي، يُقرأ في جلسة.
كيف تنظم وقتك بين البودكاست والتدوين والترجمة وواجبات الحياة والعمل المحتلفة؟
أعاني من هذا الموضوع كما يعاني معظم الناس، لكني أُنتج لأني أنتهج هذا المنهج ولندعه في نقاط:
- ما يمكن فعله اليوم لا أؤجله للغد. بمعنى لما يقول لي ضيف في البودكاست أنه جاهز الآن. أجري معه الحلقة فورًا ولا أؤجلها.
- أقاوم الرغبة في الهوس بالكمال. فأصدر الأشياء حتى وهي غير كاملة. وما يمكن تحسينه لاحقًا أصدره الآن وأحسنه لاحقًا. يعني غالب الوقت أرضى بـ70 بالمئة من الجودة. فالكمال مُتعذّر على البشر!
- لدي مصفوفة قيم واضحة فالعائلة مثلًا أهم من العمل، والأصدقاء المقربون أهم من العمل، والعمل أهم من الترفيه الزائد عن الحدّ، والبشرُ أهمّ لدي من الأغراض، والبشر أصناف لدي فليس كل الناس أصدقائي، ناهيك أن يكونوا مقرّبين، والترفيه الهادف أنفع من جلسات غيبة ونميمة وهكذا. لما تتضح مصفوفة قيمك تغدو حياتك أيسر تسييرًا.
ما هو أكثر خطأ ارتكبته وتعلمت منه درسا ثمينا؟
ارتكبت الكثير من الأخطاء في حياتي. وهذا ما جعلني أتعلّم منها وكأي بشري سأرتكب المزيد منها؛ لكن المثل يقول: إن ارتكبتَ أخطاء فارتكب الجديد منها، لأن عمرك أضيق من أن تكرر فيه الأخطاء!
أما أكثر الأخطاء التي ارتكبتها، فهي قطعي لإحدى العلاقات القريبة مني، مع أنه لم يكن ينبغي علي أن أقطع تلك العلاقة، ثم أصلحتها ولله الحمد ووصلتها والأمور طيبة جدًا الآن.
الفكرة أنها كانت تجربة شاقة ومؤلمة للغاية، واستمرت أكثر مما ينبغي وكلّفتني الكثير والدرس الذي تعلمته منها هو: لا تقطع أبدًا ما أمرك الحقّ تعالى أن تصله. وإلا؟ ستندم كثيرًا.
هل من شىء تود إضافته في نهاية اللقاء؟
لدي شكر عميق وامتنان سابغ أوجهه للدكتور محمد محمود المدير التنفيذي لكاف . وذلك لدعمه المستمر لي ولأعمالي وأدعو الله له الآن وبظهر الغيب أن يمنحه ما يريد وأكثر وأن يزيده من فضله. اللهم آمين.
في النهاية أود أن نشكر الأستاذ يونس بن عمارة على هذا اللقاء الشيق. ونشكره كذلك على اقتطاع جزء من وقته الثمين كي يكون بضيافتنا، متمنيين له دوام النجاح والتوفيق بعمله وحياته٫
يمكنكم زيارة مدونة ضيفنا يونس بن عمارة من هنا