قصة تحولي من العمل لدى الأشخاص إلى العمل الحر

يا رفاق الحياة، في هذا المقال البسيط سأخبركم بما علمته وبما استقر  في نفسي وقناعاتي عن العمل الحر ، ولن ادَعي أنني أملك من العلم الكثير أو المعرفة الكبيرة بمجالات العمل الحر، لأن الحقيقة أنني مازلت أعمل بالراتب شأني كشأن أغلبكم ممن تخرج من الكلية ثم بحث عن عمل ثم أنعم الله عليه بوظيفة تُشعره ولو بنسبة بسيطة أنه ذو قيمة في الحياة، ولكن بعد مرور بضع سنوات من العمل لدى الغير، هنا كانت الصدمة، حيث أنني وبعد مدة طويلة من الروتين اليومي اكتشفت الكثير من الامور التي تكسر الطموح وتعوق الحياة الطبيعية للإنسان ومن ثم بدأت افكر في العمل الحر.

 لقد عملت مدة طويلة في عمل مرهق ولم أحصل على راحة كافية ولم أُعط بيتي حقه طوال هذه الفترة، ولكن لا يهم يجب أن أثبت نفسي وأحقق التقدم المطلوب أولاً أمام نفسي  وثانياً أمام الشركة لأنني مازلت جديداً بالشركة ومن الطبيعي أن أفعل ما يُثبت نجاحي، هكذا حدثت نفسي.

ثم بعد كل تلك المعاناة لا جديد، ولكن هل العمل الحر مناسب لي؟

قصة تحولي من العمل لدى الأشخاص إلى العمل الحر
قصة تحولي من العمل لدى الأشخاص إلى العمل الحر

 لقد وجدت نفسي مجرد رقم في سوق العمل، او بالأحرى اكتشفت أن سوق العمل جعل مني مجرد رقم, وسواء كبر أم صغر هذا الرقم لا يهمني، لأن الصدمة كانت أنني رقم ولست انسان كما كنت أتخيل وأطمح لنفسي بعد كل تلك الساعات الطويلة من المذاكرة والسهر والامتحانات والمؤهلات والشهادات العلمية، وجدت نفسي أعمل طبقا لرغبة الشركة او صاحب العمل وفقط، فلا تقدم ولا تجديد وغالبا.

لا اهتمام بمجهودك أساساً و مهما طالت مدة عملك او كانت صعبة او مرهقة او سهلة جدا في النهاية لن يوجد فرق عند الشركة لأن نظام التقييم يحتاج الي منظومة كاملة وهذه المنظومة لا تكون مفعلة في أغلب الشركات،  فقط أهم شي سير العمل، لا يهم ماذا تعمل ولكن يجب أن تتقدم وهذا التقدم يكون من وجهة نظر المدير وفقط.

قصة تحولي من العمل لدى الأشخاص إلى العمل الحر
قصة تحولي من العمل لدى الأشخاص إلى العمل الحر

وجدت نفسي لا أستطيع ان آخذ قسطاً من الراحة او إجازة محددة من إجازاتي المستحقة في الميعاد المناسب لي شخصيا  بل يجب ان يكون الميعاد مناسب للشركة، وطالما حدثت نفسي، إنني اليوم اشعر بالإرهاق الشديد وأحتاج إلى البقاء بالمنزل  لأخذ قسطا من الراحة والنوم، ولكن كيف ذلك انه حلم بعيدا المنال بل قل انه حق بعيد المنال، اليس لجسدك عليك حق؟

إنني فجأة انتبهت أنني لم اتكلم مع ابنتي لمدة اسبوع كامل بسبب ضغط العمل، إنني أحتاج اجازة ولو ليوم واحد حتى أقضيه مع اولادي واقضي حاجات بيتي، ولكن كيف يكون ذلك؟ للأسف لن استطيع، لان الإجازات تكون طبقاً لحاجة العمل وليس طبقاً لحاجة الانسان، لا لأنني سأطلب أجازه عاجلة حتما ًإنها من حقي.

ولكن بعد تفكير كثير اكتشف أنني إذا أخذت تلك الاجازة رغما عن مديري فسأكون مقصراً في نظره بل وفي نظر الشركة وبالتالي سأضيع على نفسي كل ذلك العمل المضني والتعب والجهد والثقة التي بنيتها من قبل، أنسيت كم سهرت للصباح وتعبت في حل مشاكل العمل أنسيت كم تحملت واجتهدت في البداية بزعم اثبات النفس، فكل ذلك يصبح في مهب الريح، فبسبب كل تلك الضغوط والمشاكل، بدأت افكر واخطط للانتقال للعمل الحر.

لكن بعد سردي لسلبيات العمل لدى الغير وجب التنويه انه يظل نعمة من الله لا تتوفر لبعض الناس، ولا يجب التهور اطلاقا في ترك الوظيفة او ترك العمل لدى الغير بدون الترتيب للأولويات والتخطيط السليم، فعلى سبيل المثال ليس من العقل أن تقوم بهدم بيتك القديم قبل ان تقوم ببناء بيتك الجديد، كما له من المميزات الكثيرة التي لا يجب إغفالها وأهمها من وجهة نظري هي أن العمل لدى الغير سيصنع منك شخصاً قادراً على إدارة عملك الحر وسيعطيك النواة الفكرية التي تحتاجها للبدء بمشروعك الخاص.

قصة تحولي من العمل لدى الأشخاص إلى العمل الحر
قصة تحولي من العمل لدى الأشخاص إلى العمل الحر

وعند البحث في التاريخ الماضي للبشرية سنكتشف ببساطة حقيقة أن العمل الحر هو اساس الحياة،  حيث أن الوظيفة بشكلها الحديث او العمل لدى الغير مُقابل عقد عمل أو ما الى ذلك ما هي إلا أنظمة ظهرت في العصر الحديث، فعلى سبيل المثال إذا نظرنا إلى تاريخنا الاسلامي نجد أن المهاجرون من أصحاب رسول الله –  صلي الله عليه وسلم – عندما هاجروا إلى المدينة المنورة ولم يكن معهم شيء يذكر من المال، كيف أن بعضهم عملوا بالتجارة وكوَنوا ثروة كبيرة من عملهم الحر وفتح الله عليهم وأغناهم من فضله.

مثل سيدنا عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه – الذي قال لإخوانه من اهل المدينة المنورة من الانصار دلوني على السوق  وذهب وعمل وباع واشتري وفتح الله عليه, وايضا سيدنا عثمان بن عفان – رضي الله – عنه الذي هاجر ولم يكن يملك الا سيفه ثم اصبح من أغنى أغنياء المدينة، وعندما سئل عن سر مكاسبة وارباحه العظيمة من التجارة قال : “كنت أعالج، وأنمي، ولا أزدري ربحا، ولا أشتري شيخا، وأجعل الرأس رأسين”.

فقصص النجاح هذه وغيرها من القصص المعاصرة هي اكبر دليل على أن العمل الحر في حال دراسته وتنفيذه بطريقة علمية صحيحة، فإنه سيعطيك المقابل لجهدك وتعبك واكثر، واعظم ميزة في العمل الحر من وجهة نظري هي الحرية فهو يمنحك الحرية في وقتك ومالك وحتي جهدك فيكون عندك الحرية الكاملة في حياتك، فيجب عليك إن كنت ترغب في ذلك أن تدرس وتعمق خبرتك في مجال عملك وتعلم نفسك الطريقة السليمة والآمنة للبدء بالعمل الحر، ولا تتهور ولا تنجرف وراء الادعاءات والدعايات المضللة لأناس يدعون انهم يملكون اسلوب معين للكسب السريع او ان لديهم حل سحري للغنا.

هذه المشاركة من طرف (أحمد عيد) ضمن مسابقة أفضل مقال عن العمل الحر

اظهر المزيد

محمد عرفه

أنا محمد عرفه طالب بكلية طب الأسنان بجامعة الأزهر، مُهتم بكل جديد فى مجال التكنولوجيا بشكل عام ومجال العمل الحر بوجه خاص، أسعى لمشاركة المعرفة فى هذا المجال من خلال مقالاتي البسيطة، أحفظ القرآن الكريم مُنذ صغرى وبفضل الله حصلت على إجازة فى القرآن الكريم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى